الثلاثاء، 13 يوليو 2010

كأس العالم .. و حكاية أسبانية ..



إن كنت أريد أن أتكلم عما يسمونه بمتعة رياضية.. متعة كروية .. متعة جنونية .. فانني حتما سأشير إلى ذاك المستطيل الأخضر .. والجسم المكور .. و بالطبع فنانيهما ..!


بدأ جنون كرة القدم ببداية مونديال كأس العالم لهذه السنة .. فبدأت حماسة عشّاقها .. صراخ مشجعي أبطالها .. دموع أحزانها و بالتالي دموع أفراحها ..


شهدنا في مونديال 2010 الكثير من المفاجآت.. أسقطت الكثير من التوقعات واستبدلتها بوقائع مخالفة تماما ..


فخروج أبطال العالم السابقين من الدور الأول كانت صدمة لعشّاق ايطاليا الرومانسية .. و ربما آثرت الديكة الفرنسية اللحاق بها كما لحقتها إلى النهائي في الموسم السابق ..



أما انجلترا فرأيناها تُسحَق من قِبل المنتخب الشاب "المانشافت الألماني" .. و ذلك بـ4 أهداف مذلة في حق انجلترا .. وسام شرف على صدر ألمانيا ..


و بما أننا ذكرنا المانيا .. فنذكر تكرارها للسيناريو الذي لعبته مع انجلترا .. تكرارها له مع "التانغو الارجنتيني" .. بـ4 أهداف نظيفة .. فخروج مبكر لها .. فلحاق بـ"السامبا البرازيلي" ..


خسارة البرازيل من بلد الزهور "هولندا" .. كان أمرا غريبا من جهة .. جميلا -بالنسبة لي- من جهة أخرى .. فقد كانت البرازيل من أكبر المرشحين لبلوغ النهائي ولكن ماالذي حدث ؟ انها فقط جنون كرة القدم لا غير ..!



هكذا وبكل بساطة خرجوا كبار رسّامي كأس العالم .. فاستبدلوا ألوان لوحاتهم بقلم واحد .. لون واحد .. وتركوا باقي الألوان لمن يستحق فعلا أن يرسم لوحة كأس العالم بأبطال العالم ..



أسبانيا .. تلك الدولة التي لطالما أحببت تاريخها بكل تفاصيله و حروبه و كل مايتعلق به .. لماذا ؟ لا أدري حقيقة .. ولكنها مجرد متعة جميلة تجتاحني حين قراءة أو مشاهدة شيء يخصها و يخص تاريخها ..



أسبانيا .. المنتخب الذي جعلني أتحبط .. أتشجع .. أفرح .. اصرخ.. اقفز .. ابكي .. وأبتسم !


بدايتها في هذا المونديال الأقل من متواضعة مع سويسرا خلقت في قلبي "احباط" .. فـ"تشجيع" .. فلطالما رددت باعتباط أن (الكبير يبدأ صغيرا عادة ).. عبارة كنت أوجهها لكل من بارك لي و هنأني بطريقة ساخرة على المنتخب الذي أشجعه دائما بعد تلك المباراة ..


و بعد فوزها على هندوراس و بعدها تشيلي .. اسبانيا جعلتني "أفرح" حقا ..


ننتقل بعد ذلك إلى رحلتها مع البرتغال .. حيث أن هدف "فيا" في الدقيقة الـ63 من عمر المباراة جعل صوتي طنانا لأعلى الدرجات .. أذكر تماما كيف كان شعوري حينها و أنني أجزمت أن المباراة قد انتهت عند تلك اللحظة .. و بالفعل، انتهت بتلك النتيجة المتواضعة .. فلم يكن مستوى المنتخب الأسباني كما توقعناه أن يكون و لم يكن يحتوي على ذاك الأداء الذي تُقنا إلى مشاهدته .. ولكنني سُرِرت بانتكاسة المتغطرس "كريستيانو رونالدو" و سررت بمشاهدته يمشي و هو مخيب الآمال .. =)


فوز أسبانيا على الباراجواي كان جميلا على الرغم من الأخطاء التحكيمية التي كانت تسود المباراة و لا أريد الخوض في حديث الحكّام في هذا المونديال .. فلنترك ذلك جانبا ..
بعد ضربتين جزاء ضائعتين لكلا المنتخبين .. أو لنقل أنهما كانا ثلاث ضربات جزاء منهم واحدة ملغية ..
على كل .. بعد كل ذلك تمكنت أسبانيا أخيرا من التغلب على أزمتها المسماة بـ"الربع النهائي" ..
نعم،فبذلك أسبانيا إلى "النصف النهائي" لمواجهة المانشافت ..!

حيث أمتعنا الماتادور بتلك المباراة .. حتما كانت أفضل مباراة يلعبونها في هذا المونديال بأفضل أداء .. على الرغم من كل تلك المخاوف والكوابيس التي سببتها الماكينة الألمانية بعد سحقها للانجليز و الارجنتين .. ولكن هناك من كان يقول (أنه) لن يقدر على المانشافت إلا الماتادور .. و قد صدُق قوله حقا .. فبعد رأسية قلب الأسد "بويول" لا أنكر أنني و بحركة لا إرادية قفزت من مكاني و ضحكت حتى اغرورقت عيناي ..!

و بالتالي نعم .. أسبانيا إلى "النهائي" لمواجهة الطاحونة الهولندية .. !


لا أدري لماذا لم يكن الحصول على كأس العالم غاية مهمة جدا بالنسبة لي .. فوصول أسبانيا للنهائي و لأول مرة في تاريخها أسعدني بالفعل .. و قد كان ذلك إنجازا جميلا .. و لكن الحصول على النجمة الأولى و مشاهدة أبطال أسبانيا و هم يرفعون ذلك الذهبي سيكون أكثر جمالا .. إبهارا .. و إسعادا ..!


كنت أتابع المباراة بهدوء إلى أن وصلنا للأشواط الإضافية ..
لم أكن أريد أن تنتهي و تُحسم النتيجة بضربات الجزاء .. و يُعاد سيناريو 2006 مع أسبانيا ..! فالفوز بضربات الجزاء باعتقادي ليس فوزا مستحقا ولا عادلا حتى .. ولكن كل تلك الأفكار تمزقت بهدف "انيستا" الأعجوبي و في الشوط الإضافي الثاني !!
ضج البيت بأصوات كثيره .. حتى من هم غير مهتمين بالكرة المستديرة و من لم يشجع الماتادور في حياته أحدث صوتا خاصا عند دخول الكرة للمرمى و إحراز هدف الحلم .. والساعه حينها قد قاربت الثانية عشر !!



ابتسمت .. ابتسمت في حين كان البعض .. ( يصرخ ) ..


(يضحك ) ..


و .. (يبكي ) ..



فأصبَحَت بذلك حكاية من طراز أسباني .. اتحدت فيها ممالكها من جديد .. و انتقل مؤلف الحكاية .. مخرجها .. و منتجها إلى أرض الأندلس ليتحلى بعلم أسبانيا لأربع سنوات متتابعة ..
أما أبطالها .. فقد أمتعتمونا .. أسعدتمونا .. أبكيتمونا .. وأضحكتمونا .. فشكرا لكم ..
شكرا لكم .. فقد كنتم بالأمس أبطال أوروبا .. و صرتم اليوم .. أبطال العالم .. !

=)

ليست هناك تعليقات: